ركن القانون
المدينة المنورة ، المملكة العربية السعودية
أوقات الدوام من الساعة 9:00 صباحا وحتي الساعة 11:00 مساء
نظام الإثبات السعودي

يعد نظام الإثبات السعودي من القوانين الأكثر أهمية ,والتي لا يمكن الاستغناء عنها في كافة القضايا بأنواعها المختلقة المدنية والجنائية والإدارية , فهو القاعدة الأساسية لإثبات كافة القضايا التي تحكمها الأنظمة المتخصصة , وعلى ضوء قواعد الإثبات تثبت الحج وتعزز البراهين ,فيترتب على ذلك ترسيخاً للحق وضماناً لمبادئ العدالة   ,وقد أحسن المشرع السعودي صنعاً عندما أتاح المجال في الاستناد إلى الأدلة التي نصت عليها الأنظمة والتشريعات الأخرى حال عدم ورود تلك النصوص في التشريعات والأنظمة السعودية شريطة عدم تعارض ذلك مع الاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة العربية السعودية طرفا فيها ,ولذلك  أصدر المشرع السعودي نظاماً للإثبات بالمرسوم الملكي رقم(م/43) بتاريخ 1443ه وكان ذلك النظام متواكباً مع التحديث والتطوير في مختلف المجالات , وأكد نظام الإثبات في مادته الأولى على أن قواعد هذا النظام تسري على أحكام المعاملات المدنية والتجارية, وفي المرتكزات والمحاور التالية سنحاول إبراز أهم ما تضمنه نظام الإثبات السعودي من أحكام من خلال الاقتصار على أهم موضوعات الإثبات بدءً من تعريف نظام الإثبات السعودي ,مروراً بأحكام أنواع الأدلة وطرق إثبات الأدلة بأنواعها المختلفة سواء كان عن طريق الأدلة القولية كالشهادة والإقرار أو الأدلة الالكترونية والمادية كتزوير المحررات سواءً كانت رسمية أو غير رسمية, وذلك  على النحو التالي :

 

أولاً: المقصود بنظام الإثبات

وردت العديد من التعاريف لنظام الإثبات ,وقد اخترنا تعريفاً أكثر إلماماً ,بالقول بأنه النظام الذي يحدد  إجراءات الإثبات من إقرار أو استجواب أو أداء للشهادة أو اليمين أمام المحكمة، كما يخول فللمحكمة أن تنتقل أو تكلف أحد قضاتها بذلك. إذا كان المقر أو المستجوب أو الشاهد أو من وجهت إليه اليمين ونحوهم مقيماً خارج نطاق اختصاص المحكمة، وتعذر إجراء الإثبات إلكترونياً؛ فعلى المحكمة أن تستخلف محكمة مكان إقامته.

 

ثانياً: قواعد الإثبات

وودت العديد من القواعد التي ترسخ مبادئ الإثبات ,وأصبح لها حجية يمكن الاستناد إليها لإثبات ما أشكل من القضايا في مختلف المعاملات المدنية والتجارية في النظام السعودي ,وكذا المعاملات الجنائية في الكثير من الأنظمة ,وقد حدد نظام المعاملات السعودي تلك القواعد في المواد (2-5) ,وذلك على النحو التالي :

– على المدعي أن يثبت ما يدعيه من حق، وللمدعى عليه نفيه.

– يجب أن تكون الوقائع المراد إثباتها متعلقة بالدعوى، ومنتجة فيها، وجائزاً قبولها.

– لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي.

– البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر.

– البينة لإثبات خلاف الظاهر، واليمين لإبقاء الأصل.

– البينة حجة متعدية، والإقرار حجة قاصرة.

– الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان.

نظام الاثبات السعودي
نظام الاثبات السعودي

ثالثاً: ماهي الأدلة التي تُعملها المحكمة حال تعارض أدلة الإثبات؟

يثور تساؤل رئيسي لدى الكثير بأنه في حال تعارضت أدلة الإثبات بعضها ببعض فما الذي يمكن للمحكمة الاستناد إليه ,ويمكننا الإجابة على هذا التساؤل بتأكيد نظام الإثبات السعودي ,على أنه وبدون الإخلال بأحكام هذا النظام، إذا تعارضت أدلة الإثبات ولم يمكن الجمع بينها ,فتأخذ المحكمة منها بحسب ما يترجح لها من ظروف الدعوى، فإن تعذر ذلك فلا تأخذ المحكمة بأي منها، وفي جميع الأحوال يجب عليها أن تبين أسباب ذلك في حكمها. كما يثور تساؤل فرعي حول ما إذا اتفق الخصوم على قواعد محددة في الإثبات ؟ وقد أجاب على ذلك نظام الإثبات السعودي على ذلك بأن للمحكمة إعمال اتفاقَهم؛ ما لم يخالف النظام العام والقواعد الآمرة .

خدمات المحامي
الأدلة التي تُعملها المحكمة حال تعارض أدلة الإثبات

رابعاً: طرق ادعاء التزوير على المحررات

حددت المادة (39) من نظام الإثبات السعودي الطرق التي يمكن من خلالها إثبات التزوير في المحررات الرسمية أو العادية  من خلال الفقرات التالية :

  1. يرد الادعاء بالتزوير على المحرَّر الرسمي والعادي، أما إنكار الخط أو الختم أو الإمضاء أو البصمة فلا يرد إلا على المحرَّر العادي.
  2. على الخصم الذي يدعي التزوير عبء إثبات ادعائه، أما من ينكر صدور المحرَّر العادي منه أو ينكر ذلك خلفه أو نائبه أو ينفي علمه به، فيقع على خصمه عبء إثبات صدوره منه أو من سلفه.
  3. إذا أقر الخصم بصحة الختم الموقع به على المحرَّر العادي ونفى أنه ختم به، تعين عليه اتخاذ طريق الادعاء بالتزوير.

 

خامساً: الفرق بين المحررات الرسمية والمحررات العادية

هناك العديد من الفروق الجوهرية بين المحررات الرسمية الصادرة من موظف عام والمحررات العادية الصادرة من غير موظف رسمي ,وذلك على النحو التالي :

بين نظام الإثبات السعودي الفرق بين المحرر الرسمي (العام)ا والمحرر غير الرسمي وبين مدى حجيتها تجاه الغير ,وقد بين في المادة (25)  وما بعدها تلك الفروق , فالمحرَّر الرسمي هو الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة، ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، طبقاً للأوضاع النظامية، وفي حدود سلطته واختصاصه ,وإذا لم يستوف المحرَّر الشروط الواردة في الفقرة (1) من هذه المادة فتكون له حجية المحرَّر العادي؛ متى كان ذوو الشأن قد وقعوه ,ويعد المحرَّر الرسمي حجة على الكافة بما دون فيه من أمور قام بها محرره في حدود مهمته، أو حدثت من ذوي الشأن في حضوره؛ ما لم يثبت تزويره بالطرق المقررة نظاماً. ويكون مضمون ما ذكره أي من ذوي الشأن في المحرَّر الرسمي حجة عليه؛ ما لم يثبت غير ذلك .

إذا لم يوجد أصل المحرَّر الرسمي فتكون للصورة الرسمية حجية الأصل؛ متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل، وما عدا ذلك من الصور فلا يعتد بها إلا لمجرد الاستئناس.

كما بين نظام الإثبات السعودي نمط  المحرَّرات العادية ومدى حجيتها وقوتها في مواجهة الخصم ,ويعد المحرَّر العادي صادراً ممن وقعه وحجة عليه؛ ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة، أو ينكر ذلك خلَفُه أو ينفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة هي لمن تلقى عنه الحق.

, وقد بين نظام الإثبات بأن من احتج عليه بمحرَّر عادي وناقش موضوعه أمام المحكمة فلا يقبل منه أن ينكر بعد ذلك صحته، أو أن يتمسك بعدم علمه بأنه صدر ممن تلقى عنه الحق ,وحول مدى حجية المحرر العادي تكون للمراسلات الموقع عليها أو الثابت نسبتها إلى مرسلها؛ حجية المحرَّر العادي في الإثبات، ما لم يثبت المرسل أنه لم يرسل الرسالة ولم يكلف أحداً بإرساله .

 

سادسا: متى يكون الإقرار قضائيا ونافذا وحجة على المقر؟

بينت المادة الرابعة عشرة من نظام الإثبات السعودي الحالات التي يكون فيه الإقرار نافذا وحجة أمام الغير ويمكننا ذكر حالتين من هذا النوع على النحو التالي :

  1. يكون الإقرار قضائياً إذا اعترف الخصم أمام المحكمة بواقعة مدعى بها عليه، وذلك أثناء السير في دعوى متعلقة بهذه الواقعة.
  2. يكون الإقرار غير قضائي إذا لم يقع أمام المحكمة، أو كان أثناء السير في دعوى أخرى.

 

سابعا: هل للمحكمة استجواب الخصوم من تلقاء نفسها ؟

يثور سؤال وجيه حول سلطة القاضي في استجواب المتهم , لنجد الجواب لذلك وفق ما بينه نظام الاثبات السعودي ,إذ أكد إمكانية المحكمة في استجواب الخصوم من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم- أن تستجوب من يكون حاضراً من الخصوم , كما أجازت لأي من الخصوم استجواب خصمه مباشرة , كما أجاز للمحكمة -من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم- أن تأمر بحضور الخصم لاستجوابه، ويجب على من تقرر استجوابه أن يحضر الجلسة المحددة لذلك , وإذا تخلف الخصم عن الحضور للاستجواب بغير عذر مقبول، أو امتنع عن الإجابة بغير مسوّغ معتبر، استخلصت المحكمة ما تراه من ذلك، وجاز لها أن تقبل الإثبات بشهادة الشهود والقرائن في الأحوال التي لا يجوز فيها ذلك.

 

ثامناً: أحكام إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة، وتحقيق الخطوط

بينت المادة الأربعون من نظام الاثبات أنه في حال أنكر من احتج عليه بالمحرَّر العادي خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمته، أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه أو نفى علمه به، وظل الخصم الآخر متمسكاً بالمحرَّر، وكان المحرَّر منتِجًا في النزاع، ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها في إقناع المحكمة بصحة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة؛ فتأمر المحكمة بالتحقيق بالمضاهاة، أو بسماع الشهود أو بكليهما، وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في هذا النظام. ولا تسمع الشهادة إلا فيما يتعلق بإثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو البصمة على المحرَّر.

 

تاسعا: أحكام  الدليل الرقمي

بين نظام الإثبات السعودي في المادة الثالثة والخمسون وما بعدها أحكام الدليل الرقمي , إذ عد  كل دليل مستمد من أي بيانات تنشأ أو تصدر أو تسلم أو تحفظ أو تبلغ بوسيلة رقمية، وتكون قابلة للاسترجاع أو الحصول عليها بصورة يمكن فهمها دليلاً رقمياً.

ويشمل الدليل الرقمي الآتي:

  1. السجل الرقمي.
  2. المحرَّر الرقمي.
  3. التوقيع الرقمي.
  4. المراسلات الرقمية بما فيها البريد الرقمي.
  5. وسائل الاتصال.
  6. الوسائط الرقمية.
  7. أي دليل رقمي آخر.

وقد أكدت المادة (55) بأن  للإثبات بالدليل الرقمي حكم الإثبات بالكتابة الوارد في هذا النظام.

وفي حال تعذر التحقق من صحة الدليل الرقمي بسبب لا يعود للخصوم، فتقدر المحكمة حجيته بما يظهر لها من ظروف الدعوى.

 

عاشرا: أحكام شهادة الشهود

أوجب نظام الإثبات السعودي على الخصم الذي يطلب الإثبات بشهادة الشهود أن يبين الوقائع التي يريد إثباتها، وعدد الشهود وأسماءهم, ووإذا أذنت المحكمة لأحد الخصوم بإثبات واقعة بشهادة الشهود كان للخصم الآخر الحق في نفيها بهذا الطريق. وفي جميع الأحوال لا تقبل الشهادة على النفي إلا إذا كان محصوراً للمحكمة -من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم- أن تستدعي للشهادة من ترى لزوماً لسماع شهادته؛ إظهاراً للحقيقة.

 

وفي ختام مقالنا هذا ينبغي التأكيد على أهمية نظام الإثبات في ترسيخ مبادئ العدالة في كافة المعاملات مدنية وتجارية وجنائية, ,سواء كان الإثبات بالإقرار أو الشهادة أو والكتابة أو الاستجواب  ,أو بالدليل الرقمي الالكتروني .  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *