ظهر مفهوم استثمار الأوقاف في الآونة الأخيرة في المملكة العربية السعودية، تلك الدولة التي تتميز بالكثير من القطاعات المهمة التي تساعد على تطوير المجتمع، والتي تبرز من بينها قطاع الأوقاف الذي يعد من أهم ركائز تنمية المجتمع، حيث يعمل هذا القطاع على تعزيز العمل التطوعي الذي يهدف إلى الإحساس بالانتماء في المجتمع.
الجدير بالذكر أن الهيئة العامة للأوقاف أصدرت دليلًا إرشاديًا لاستثمار الأوقاف يساعد على زيادة عوائد الاستثمارات في هذا القطاع، وبالتالي تحقيق الأغراض التي أُنشئت من أجلها، ولهذا يساعدنا موقع ركن القانون في معرفة كل ما يخص هذا الأمر.
استثمار الأوقاف
أوضحت الهيئة العامة للأوقاف السعودية في الدليل الإرشادي لاستثمار الأوقاف أن هذا الاستثمار يعني استخدام رأس المال المتوفر للدخول في أنشطة اقتصادية تُدر دخلًا، وتحقق عائدًا على رأس المال، ويتم ذلك من خلال الآتي:
- شراء حصص من بعض الشركات المدرجة.
- شراء أصول عقارية.
- أدوات الدّين التي تطابق الشريعة.
- الصناديق الاستثمارية.
الجدير بالذكر أن الاستثمار الناجح في المملكة يستهدف الحصول على قدر كبير من العوائد، وهذا مع مراعاة المخاطر التي تتعلق بالاستثمار.
اقرأ أيضًا: نظام المعاملات المدنية
أهداف استثمار الأوقاف ومعايير نجاحه
تبعًا للدليل الإرشادي لاستثمار الوقف الذي صدر من الهيئة العامة للأوقاف في السعودية، فإن الهدف الرئيسي لهذا الاستثمار يكمن في توفير قدر كبير من الموارد المالية للوقف التي تساعد الناظر أو المتولي نظارة الوقف من صرفها على مصارفها وفقًا لشرط الواقف، بالإضافة إلى الأهداف التالية:
- العمل على حماية أصل الوقف من التدهور بسبب المخاطر المرتفعة في الاستثمار، أو عند التقصير في الاستثمار.
- تعزيز قيمة الوقف مع زيادة الموارد المالية الخاصة به مستقبلًا، الأمر الذي يعظم أثر مصارف الوقف.
- إمكانية تحقيق تدفقات نقدية بشكل مستمر تساعد على استدامة الوقف مستقبلًا.
مخاطر استثمار الأوقاف
أشار الدليل الإرشادي لاستثمار الأوقاف أن كافة أنواع الاستثمار في المملكة العربية السعودية يوجد بها بعض المخاطر، والتي تختلف تبعًا لنوع الاستثمار المتعامل عليه، لكن من الطبيعي ألا يتواجد استثمار بدون مخاطر.
الأهم من ذلك أن فهم أسباب المخاطر يساعد على بناء استراتيجية استثمار تُمكن من حفظها، وعليه نشير إلى أن مخاطر هذا الاستثمار متنوعة ما بين الاقتصادي الذي ينتج عنه الانكماش في الاقتصاد العالمي أو المتركز في منطقة أو دولة ما.
هناك بعض المخاطر التي ترتبط بالتباطؤ في قطاع اقتصادي ما دون غيره، كما أن هناك بعض المخاطر المتعلقة بالأصول والشركات التي يستثمرها، مثل تراجع قيمة السهم لشركة تم الاستثمار بها، بسبب تراجع الأرباح، مع تحقيق خسائر غير متوقعة.
يُذكر كذلك أن مخاطر الاستثمار ترتبط بعوائده بشكل مباشر، حيث إنه كلما زادت مخاطر استثمار ما، فإن عوائده المحتملة تزيد أيضًا، ولذلك فإن إيجاد طريقة توازن المخاطر والعوائد بالمحفظة الاستثمارية من أهم مفاتيح الاستثمار الناجح.
اقرأ أيضًا: تأسيس الجمعيات الأهلية
ما هي حوكمة استثمار الأوقاف
إن حوكمة الأوقاف في الدليل الإرشادي لاستثمار الأوقاف لها عدد من القواعد والأسس التي تحكم العلاقة بين الناظر من جانب، وبين الواقف والأطراف التي تتعامل معها من جانب آخر، وذلك في إطار المساءلة والقيم الأخلاقية والشفافية.
الجدير بالذكر أن الحوكمة تعتبر من بين الموضوعات المهمة بالنسبة لكافة أنواع الاستثمار، حيث إن الأزمات المالية التي عانى الاقتصاد العالمي نتيجةً لها وضعت مفهوم الحوكمة من بين الأولويات.
ذلك لأن أنظمة الحوكمة وقوانينها في العالم تركز على تقليل استخدم السلطة الإدارية في غير مصالح المستثمرين، كما تساعد الحوكمة على تمكين المستثمرين في رسم اتجاه معين للاستثمار، إذ إنها تضع بعض السياسات من أجل ضبط الاستثمار.
ولهذا تم حصر عدد من أهم الممارسات وأفضلها التي تساعد على حوكمة استثمار الأوقاف، ومن بينها ما يلي:
1- الناظر الفرد
يحقق معظم المستثمرين الأفراد عوائد أقل مقارنةً بالجهات الاستثمارية المتخصصة، ولهذا فإن أفضل الممارسات التي تساعد على رفع مستوى حوكمة الاستثمار مع حماية الوقف للناظر الفرد تتمثل في الآتي:
- الاستعانة بالخبراء في مجال الاستثمار مثل المستشارين الماليين، وهذا من أجل بناء خطة لاستثمار الأوقاف.
- إسناد الاستثمار إلى جهات استثمارية مرخصة بشكل مالي وعقاري، خاصةً في حالة كان الناظر لا يملك خبرة استثمارية كافية.
- المراجعة الدورية لأداء استثمارات الوقف، مع اتخاذ القرارات الاستثمارية اللازمة، من أجل رفع أداء الاستثمار، من خلال الاستعانة بالخبراء في مجال الاستثمار.
- توثيق تعاملات الوقف الاستثمارية، بما فيها الاستثمارات والعوائد المحققة.
- الحد من خلط أموال الوقف بأموال الناظر، عن طريق حفظها في حسابات بنكية منفصلة.
2- مجلس النظارة
إن أفضل الممارسات تشير إلى أهمية وجود لجنة استثمار تدعم مجلس النظارة في القرارات التي تتعلق باستراتيجيات الاستثمار وحوكمته، مع الإشراف على تنفيذه ومتابعة أدائه، كما تتم أيضًا بمساعدة المجلس في كافة الأنشطة والقرارات ذات الصلة بإدارة الاستثمار بما فيها ما يلي:
- القيام بإعداد التوصيات لمجلس النظارة حول ما يخص سياسات الاستثمار واستراتيجياته، بالإضافة إلى مراعاة أهمية تنويع المحفظة الاستثمارية للوقف إذا أمكن.
- وضع الأهداف ومعايير تقييم الاستثمارات، وذلك تبعًا لنوع الاستثمار، واستراتيجيته.
- مراقبة الاستثمارات ومتابعة الأداء الخاص بها، بما في ذلك متابعة أداء كلٍ من أنواع الأصول.
- رفع التقارير الخاصة بأداء المحفظة الاستثمارية، مع تقديم التوصيات اللازمة من أجل رفع مستوى الأداء إلى مجلس النظارة.
- مراجعة حكومة الاستثمار بشكل دوري بما فيها تقييم الصلاحيات والإجراءات، مع رفع التوصيات التي تتعلق بها إلى مجلس النظارة.
أهمية تنويع استثمارات الأوقاف
أوضح الدليل الإرشادي لاستثمار الأوقاف بالمملكة العربية السعودية أن أفضل طريقة تحمي الاستثمار هي تنويع الاستثمارات، وذلك من خلال فئات الأصول المختلفة، وذلك يرجع إلى أن الاستثمارات المختلفة يوجد لها مستويات مختلفة من المخاطر.
ومن أبرز أشكال تنويع الاستثمارات (الصكوك، والأسهم، والعقارات)، وقد يكون من المناسب أيضًا تنويع تلك الاستثمارات في كل فئة من فئات الأصول، وهذا للحد من المخاطر مع حماية الاستثمار إذا حدث أي تراجع بالسوق.
اقرأ أيضًا: محامي تركات في جدة
ضوابط استثمار الأوقاف
هناك بعض القواعد التي توجه سلوك المستثمر الأخلاقي والعقدي والاجتماعي والاقتصادي، وذلك تبعًا للأصول والقواعد الكلية التي تنظم العملية الاستثمارية التي دعت الشريعة إليها في ذلك النوع من التصرفات، حيث إن الغاية ليست زيادة المال، بل تحقيق غايات اجتماعية وشرعية مع زيادة المال، ومن بين شروط سلامة العملية الاستثمارية ما يلي:
- الحلال: يجب أن تكون المعاملة الاقتصادية للمشروع الاستثماري معاملة حلال غير محرمة مثل الإيداع في البنوك بفوائد، أو شراء أسهم الشركات التي تعمل في أي مجال محرم.
- التنوع: أي المحافظة على تنوع المشروعات الاستثمارية من أجل خدمة مصلحة الأمة، فيتم مراعاة الضرورات ثم الحاجات ثم التحسينات.
- اختيار مجال الاستثمار: يُشير هذا الشرط إلى تأمين الربح الأفضل والأعلى، مع حسن اختيار الصيغة المناسبة، بالإضافة إلى الحفاظ على الوقف وحقوقه، وأيضًا أفضل الشروط له، وذلك على أساس تحقيق العائد الاقتصادي المرضي، وهذا لينفق منه على الجهات الموقوف عليها، أو تعمير وصيانة الأصول الوقفية.
- مراعاة عناصر السلامة الاستثمارية: المقصود به المحافظة على المال العام والخاص، مع التقليل من الخسائر المحتملة بالمشروعات الاستثمارية، ولا يتم تحقيق ذلك إلا من خلال التخطيط السليم، مع حسن المفاضلة بين مجالات وأساليب الاستثمار.
- مراعاة الأهداف الشرعية: أي النظر إلى مآل المشروع وآثاره على المدى البعيد.
- أساس التوازن: أي يتم تحقيق التوازن من حيث الصيغ والآجال والأنشطة من أجل تقليل المخاطر مع زيادة العوائد، حيث لا يجب التركيز على منطقة أو مدينة وحرمان أخرى، أو أن يتم التركيز على الاستثمارات قصيرة الأجل، وإهمال الطويلة.
- المتابعة والمراقبة وتقويم الأداء: قيام المسؤول عن استثمار المال سواء كان ناظرًا أو مديرًا بمتابعة عمليات الاستثمار من أجل التأكد من سيرها تبعًا للسياسات والبرامج التي تم تحديدها من قبل، ومعرفة أي انحرافات وبيان أسبابها، ومعالجتها أول بأول.
- توثيق العقود: المقصود به علم كل طرف من أطراف العملية الاستثمارية مقدار ما يتم الحصول عليه من عائد أو مكسب، ومقدار ما سيتم تحمله من خسارة في حالة حدوثها.
- الحرص على الالتزام بشرط الواقف وأهدافه من الوقف: بحيث لا يتنافى الاستثمار مع الواقف أو تحديده للوقف، إلا لمصلحة الوقف مثل اقتطاع الغلة لعمارة أو صيانة الوقف، أو تغير الأحوال الاجتماعية والاقتصادية بما يعطل الوقف بشكل كلي مثل الخانات الموقوفة.
الأسئلة الشائعة
كم عوائد المحافظ الاستثمارية؟
تبلغ عوائد المحافظ الاستثمارية 9.9%.
في ماذا تستثمر الأوقاف؟
تستثمر الأوقاف في التدريس، والمنح الدراسية، والبحث، والصيانة، والبناء، والخدمة العامة.
هل الوقف له سجل تجاري؟
نعم، يوجد للوقف سجل تجاري يتم استخراجه من الجهة المختصة من وزارة التجارة والصناعة.
في النهاية نرى أن استثمار الأوقاف يساعد على تعزيز وتحسين جودة الحياة بمختلف مجالاتها، وذلك من خلال نشر أهمية الوقف في المجتمع بشكل إيجابي الذي يساعد على التكافل الاجتماعي السعودي بين كافة الفئات.